أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

التوك توك



 فرض وجوده، فخلق فرص عمل، فشجعه الناس، فانتشرت جرائمه، فطاردته الحكومة.
لم يتصور أحد أن كائن بحجمه وشكله يستطيع أن يفرض نفسه على كل شوارع مصر، انتشاره السريع لم يأت من فراغ، دخوله في الشوارع الضيقة والحواري والأزقة، شجع الناس على استخدامه، إلا أنه مثل غيره من الوسائل، لا يخلو من السلبيات، فانتشرت معه حوادث لا حصر لها باستخدامه في جرائم الإغتصاب والسرقة والقتل والخطف مما أجبر المسؤولين على الوقوف عنده واشتراط ترخيصه في الكثير من المحافظات.
الحديث عن التوك توك تلك الوسيلة الصغيرة التي تتسع مكان لثلاثة أفرد، إضافة لمكان بجوار السائق، يدخل جميع الاماكن التي لا تستطيع السيارات التقليدية دخولها، وخاصة في المناطق العشوائية.
 يقول محمد شعبان أحد شهود العيان في حادثة وقعت بشبرا الخيمة " قام سائق توك توك عمره حوالى 21 سنة بذبح أحمد عاصم عبد الحليم عبد الحميد 17 سنة ، أمامنا ووسط ذهول المارة ولم يتركه إلا جثة هامدة، وذلك لاعتراض أحمد على وقوف التوك توك أمام منزله، فنشبت بينهما  مشاجرة أخرج على إثرها السائق مطواة من ملابسه وانهال عليه طعنا ولم يتركه إلا جثة هامدة."
وعلى الرغم ان التوك توك قد أجبر مسئولي الحكومة على الاعتراف به وترخيصه، إلا أنها لم تضع له الضوابط المهمة كي تحد من استخدامه في الجرائم البشعة التي أثارت استياء الجميع.
وكان التوك توك قد انتشر في الكثير من المناطق، وخاصة المناطق التي تكثر فيها الشوارع الجانبية الضيقة التي تحتاج الى وسيلة مواصلات سهلة وصغيرة وتتحمل تعرجات الشوارع الجانبية.
يقول فهمي التهامي أحد سكان منطقة حدائق القبة " إن التوك توك هو الوحيد اللي ممكن تشوفوا في الشوارع الضيقة، فلا الميكروباص يقدر يدخل ولا أي وسيلة مواصلات تانية وبعدين السواقين غالبيتهم عيال يعني اللي بدفعه بيخدوه ويسكتوا".
أما في منطقة الهرم بالجيزة فيقول محمد فرج " لقد أصبح التوك توك لعنة هذا العصر، ورغم انه حل مشكلة المواصلات في الشوارع الداخلية التي لا تصل إليها هذه الخدمة إلا انني امنع زوجتي وبناتي من ركوبه بعد تعدد الجرائم التي ترتكب بواسطته وفي ظل عدم ترخيصه مما يصعب السيطرة عليه".
وفي منطقة حدائق المعادي تقول هبة السيد من سكان المنطقة " الشوارع الداخلية في حدائق المعادي طويلة ومتعرجة وتحتاج فعلاً إلى وسيلة نقل مثل التوك توك فلا نستطيع أن نستغني عنه بالرغم من أن هناك مافيا أصبحت تدير وتبيع وتتربح من وراء هذا الكائن العشوائي".
ويستكمل محمد خالد من إمبابة الحديث حول التوك توك بقوله " أنه أصبح مصدر معاناة مستمرة حيث بات السير في الشوارع مستحيلاً ويعاني منه الأطفال الصغار في ذهابهم وعودتهم من المدرسة حيث يقوده صبية طائشون مما يتسبب في وقوع العديد من الحوادث".
أما اسامة عباس من حي الغزالي بالمطرية له وجهة نظر أخرى وهي أن التوك توك قد ساهم في توفير فرص عمل عديدة للشباب بدلاً من جلوسهم على المقاهي.
 فيما دافع سائقي التوتوك عن انفسهم مؤكدين أنهم يتعرضون للعديد من المشاكل منها مطارة شرطة المرور والمجالس المحلية.
يقول أيمن محمود سائق توك توك " نعيش حالة من الرعب والخوف فالشرطة تحاصرنا في كل وقت" ويضيف زميله حسن حمدي " كل الجهات تطاردنا المرور والمجلس المحلي وكأننا مجرمون أو لصوص على الرغم من اننا نلتزم بالسير في الشوارع الجانبية والأحياء الشعبية".
فيما يطالب اسلام احمد الحكومة بضرورة وضع ضوابط تحكم سير التوك توك حتى يستفيد منه الشباب والأهالي، خاصة بعد توفيره فرص عمل للعديد من الشباب.
ويري شعبان محمد أنه وبالرغم من القاء كل هذه التهم على التوك توك إلا إنه أقل خطورة من الميكروباص.
 إسناد قيادته للصبية والخارجين على القانون ساهم بشكل ملحوظ في ارتفاع نسبة حوادثه، والتي أصبحت في تزايد مستمر، بما يعني أن التوك توك انحرف سريعا عن هدفه وأصبح  وسيلة للجريمة.
وتقول الدكتورة سهير عبد العزيز، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة الأزهر" إن وجود تلك الخنافس المتحركة التي تمشي على الأرض - حسب وصفها- يمثل شكلاً غير حضاري أمام المواطن المصري والسائح العربي والأجنبي.
وبررت مخاوف أصحاب هذه المركبات من ترخيصها بالخوف من التطبيق الجائر للقانون عليهم قائلة: "أنا أرى ان لديهم الحق إلى حد ما في هذه النقطة باعتبار أن أغلبهم من الخارجين على القانون."
ويخالفها في الرأي الدكتور رفعت عبد الباسط، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان حيث يرى أن التوك توك ساهم في حل أزمة التنقل خاصة في المناطق النائية.
ويعتبر أنصار التوك توك أنه أثَر إيجابيًا في حل مشكلات التنقل خاصة في الاماكن الشعبية والجانبية والقرى التي لا توجد بها وسائل مواصلات.، إضافة إلى إنه ساهم في حل جزء من مشكلة البطالة حيث باتت هذه المهنة ـ إن صح التعبير ـ تستقطب جميع أنواع العمالة في مصر، وبات الوسيلة الوحيدة للرزق لديهم.
وطالبت العديد من النداءات بضرورة وضع عدة ضوابط تحكم التوك توك مثل ترخيصه، وعدم التصريح بالرخصة إلا بعد التأكد من شخصية صاحبه، وعدم التصريح للصبية بقيادته، وعدم تركيب الكاسيت ومكبرات الصوت به، وعدم وضع لافتات على التوك توك من نوعية "تركب اسليك .. تنزل اولع فيك" والحلوة خوخة .. جت بعد دوخة" و''الحلوة تفاحة .. للسفر والسياحة".
بتحقيق تلك الضوابط فستختفي تقريبًا أغلب الجرائم البشعة التي يسببها التوك توك، ويصبح بعدها وسيلة مواصلات آمنة.
المصدر: القدس العربي، مصراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق